" أسرعكـنّ لِحاقاً بي أطولَكُـنَّ يداً "
حديث شريف
**************
زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صيرة بن مرّة بن كثير
بن غنم بن
دودان بن أسد بن خزيمة ، أم المؤمنين وأمُّها أميمة بنت عبد المطلب عمّـة
رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ولدت بمكة قبل البعثة بسبع عشرة
سنة وكانت من المهاجرات الأول ، أسلمت قديماً000
**************
زواجها من زيد
كان زيد بن حارثة مولى للسيدة خديجة -رضي الله
عنها- ، فلمّا تزوّجها الرسول -صلى الله عليه وسلم-وهَبَته له ،
وتبناه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فأصبح زيد بن محمد ، وبعد
الإسلام نزل قوله تعالى :( وادعوهم لآبائهم )000فعاد من جديد زيد
بن حارثة000
وأما قصة زواجه من السيـدة زينـب تعود الى أن زينب قد خطبها عدّة
من قريش فأرسلت أختـها ( حمنة ) الى رسـول الله -صلى الله عليه
وسلم- تستشيره ، فقال الرسـول -صلى الله عليه وسلم- :( أين هي ممن
يُعلّمها كتاب ربّها وسنّة نبيها ؟)000قالت حمنة :( ومن هو يا
رسـول الله ؟)000قال :( زيد بن حارثة )000فغضبت ( حمنة ) غضباً
شديداً وقالت :( يا رسول الله ! أتزوج ابنة عمّتك مولاك
؟!)000وعادت الى زينب فأخبرتها ، فغضبت زينب وقالت أشد من قول
أختها فأنزل الله تعالى000
قال تعالى :"( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً
أنْ يكون لهم الخِيرة من أمرهم ")000
فأرسلت زينـب الى الرسـول -صلى الله عليه وسلم- وقالت :( إني
استغفر الله وأطيع الله ورسولـه ، افعل يا رسول الله ما رأيت
)000فزوّجها الرسول -صلى الله عليه وسلم- زيداً ، فكانت أزراً عليه
، وشكاها زيد الى الرسول الكريم ، فعاتبها الرسول -صلى الله عليه
وسلم- وقال لزيد :( أمسِكْ عليك زوجك واتّق الله )000فقال زيد :(
أنا أطلقها )000وطلقها زيد -رضي الله عنه-
تزويج من السماء
وبينما الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم-
عند السيـدة عائشـة ، إذ أخذتـه غشيـةٌ فسُـرِّي عنه وهو
يبتسـم و يقـول :( من يذهب الى زينـب يُبشِّرُها
؟)000وتـلا000
قال تعالى :( وإذْ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمتَ عليه
أمسكْ عليك زوجكَ واتقِ اللهَ وتُخْفي في نفسكَ ما اللهُ
مُبْدِيه وتَخْشى الناس والله أحقُّ أن تخْشَاهُ ، فلمّا
قضى زَيْدٌ منها وَطَراً زَوَّجْنَاكها لكي لا يكون على
المؤمنين حَرَجٌ في أزواج أدْعيائهم إذا قضوا منهنّ وَطَراً
، وكان أمْرُ اللهِ مَفْعولاً )000
فعندما انقضت عِدّة زينب -رضي الله عنها- قال الرسول -صلى
الله عليه وسلم- لزيْد بن حارثة :( اذهب فاذْكرها عليّ
)000فانطلق حتى أتاها وهي تخمّرُ عجينها ، قال :( فلمّا
رأيتها عظمَتْ في صدري حتى ما أستطيع أن أنظـر إليها ،
وأقول إن رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكرها فولّيتُها
ظهري ، ونكصت على عقبي وقُلتُ :( يا زينب أبشري أرسلني
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكرك ؟)000قالت :( ما أنا
بصانعةٍ شيئاً حتى أؤامِرَ ربيّ عز وجل )000فقامت الى
مسجدها ونزل القرآن وجاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- فدخل
عليها000
تقول السيدة زينب :( لمّا انقضتْ عِدّتي لم أعلم إلا ورسول
الله -صلى الله عليه وسلم- قد دخل عليّ بيتي ، وأنا مكشوفة
الشعر ، فعلمت أنه أُمِرَ من السماء ، فقلت :( يا رسول
الله : بلا خطبة ولا إشهاد ؟!)000قال -صلى الله عليه وسلم-
:( الله زوّجَ وجبريل الشاهد )000وتزوّج الرسول -صلى الله
عليه وسلم- امرأة زيد بعده ، وانتفى ما كان أهل الجاهلية
يعتقدونه من أن الذي يتبنى غيره يصير ابنه000
وكانت وليمة العرس حافلة مشهودة ، ذبح النبـي -صلى اللـه
عليه وسلم- شاة ، وأمر ( أنس بن مالك ) أن يدعوَ الناس الى
الوليمـة ، فترافدوا أفواجاً أفواجاً ، يأكل كل فوج ويخرج
، ثم يدخل فوجٌ آخر ، حتى أكلوا كلُّهم000
الفخر
لقد كانت السيدة زينب تفتخر
بزواجها من الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتقول :(
يا رسول الله إني والله ما أنا كإحدى نسائِكَ ،
ليست امرأة من نسائِك إلا زوّجها أبوها أو أخوها
أو أهلها ، غيري زوّجِنيك الله من السماء )000وقد
كانت -رضي الله عنها- تفتخر على نساء النبي -صلى
الله عليه وسلم- فتقول :( زوّجكُنّ أهاليكنّ ،
وزوّجني الله تعالى من فوق سبع سموات )000فلمّا
سمعتها السيدة عائشة -رضي الله عنها- قالت :( أنا
التي نزل عذري من السماء )000فاعترفت لها زينب -رضي
الله عنها-000
السخاء والجود
لقد سميت السيد زينب
بأم المؤمنين ومفزع اليتامى وملجأ الأرامل
، وقد اكتسبت تلك المكانة بكثرة سخائها
وعظيم جودها ، وقد قال الرسول -صلى الله
عليه وسلم- لنسائه :( أسْرعكُنّ لحاقاً بي
أطوَلَكُنّ يداً )000تقول السيدة عائشة :(
كنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نمدُّ
أيدينا في الجدار نتطاول ، فلم نَزَل نفعل
ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش ، ولم تكن
بأطولنا ، فعرفنا حينئذٍ أن النبي -صلى
الله عليه وسلم- إنما أراد طولَ اليدِ
بالصدقة ، وكانت زينب امرأةً صناعَ اليد ،
فكانت تَدْبَغُ وتخرزُ وتتصدق به في سبيل
الله تعالى )000
وبعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم-
كان عطاؤها اثني عشر ألفاً ، لم تأخذه إلا
عاماً واحداً ، فجعلت تقول :( اللهم لا
يدركني هذا المالُ من قابل ، فإنه فتنة
)000ثم قسّمته في أهل رَحِمِها وفي أهل
الحاجة ، فبلغ عمر فقال :( هذه امرأة
يُرادُ بها خيراً )000فوقف عليها وأرسل
بالسلام ، وقال :( بلغني ما فرّقت ، فأرسل
بألف درهم تستبقيها )000فسلكت به ذلك
المسلك000
وفاتها
توفيـت السيـدة
زينـب سنـة عشريـن من الهجـرة وهي
بنـت خمسيـن ، وصلّى عليهـا عمـر
بـن الخطـاب أميـر المؤمنيـن ،
ودُفنـت في البقيـع -رضـي اللـه
عنها-000
قالت السيدة عائشة :( رحِمَ الله
زينب ، لقد نالت في الدنيا الشرف
الذي لا يبلغه شرف ، إن الله
زوّجها ، ونطق به القرآن ، وإن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
قال لنا :( وأسْرَعَكُنّ بي
لُحوقاً أطولكُنَّ باعاً
)000فبشَّرها بسرعة لحوقها به ،
وهي زوجته في الجنة )000
عودة
الى الصفحة الرئيسة
|
|
|
|
|
|